بدأت أقرأ عن هذه الكنائس، ولكن الكتب لم تكن كافية فقد كان هناك الكثير من الحشو الجمالي حول رفعة هذه الكنائس ولكن ليس الكثير عن عملية البناء، ثم وقع بين يدي كتاب “بناؤو الكاتدرائية” لجان غيمبل. كان جان البطة السوداء في عائلة من تجار التحف الفنية، وسقماً مثلي من النقاشات حول جماليات الكنائس، وإن كان للنافذة العلوية في الكنيسة دور جمالي أم لا. تحدث جان في كتابه عن العمال المعفرين بالتراب، ومن سكنوا الأكواخ خلال عملهم على هذه المباني المذهلة، وقد اطلع على سجلات الرواتب في الأديرة الفرنسية، وأبدى اهتماماً بهوية البنائين والمبالغ التي تقاضوها، وهو أول شخص يلاحظ أن أقلية مهمة بين هذه الأسماء تعود إلى نساء رغم أنَّ الكنيسة القروسطية متحيزة جنسياً، ولكن يبدو أن نساء ورجالاً على حد سواء كانوا على قوائم العمال.
هناك كتاب آخر لجان غيمبل بعنوان «الآلة القروسطية»، وعلمت منه أن القرون الوسطى شهدت حركة ابتكار سريعة سخرت فيها الطواحين المائية في صناعات عديدة، وسرعان ما بدأت أهتم بالحياة القروسطية بشكل عام، وبدأت أفهم كيف أن بناء كاتدرائيات مهيبة بدا أمراً صائباً للناس خلال القرون الوسطى.
لم يكن إيجاد تفسير لهذا بالأمر الهين بل أشبه بمحاولة فهم سبب ضخ البشر في القرن العشرين للكثير من الأموال في مجال اكتشاف الفضاء الخارجي. في كلتا الحالتين هناك شبكة كاملة من العوامل كالفضول العلمي، والمصالح التجارية، والمنافسة السياسية، والمطامح الروحية للبشر على كوكب الأرض، وخيل إلَيَّ أن الطريقة الوحيدة لرسم هذه الشبكة هي بتأليف رواية.
رواية أعمدة الأرض
الكاتب كين فوليت
ترجمة عزة حسون
