شيئان يملأن النفس إعجاباً وإجلالاً فلا يزالان يعظمان ويتجدّدان كلّما تعلّق بهما التفكير ووقف عليهما؛ السماء المرصعة بالنجوم فوقي والقانون الأخلاقي في صدري… هكذا يختم إمانويل كنت نقد العقل العملي حيث يسبق إلى إخراج مثالية أخلاقية محض تقوم على فكرة استقلال العقل، ومن ثمة فكرة القيام الذاتي للشخصية الأخلاقية، وهذه من أشد الفكر النقدية وقعاً لا على المثاليات الألمانية وحسب بل كذلك على تاريخ الفلسفة الحديثة والمعاصرة.
لقد عمل كنت في نقد 1788 على تقرير فكرة عقل عملي محض تكون بمثابة القاعدة التي تنبني عليها أخلاق عقلية بحثةً بمقتضى الصورة المشرعة للعقل المحض، تجذيراً لنهج نقد العقل كما تقرر في نقد 1781، ثم استكمالاً فلسفياً للنقدية الترنستدنتالية (من نقد النظر إلى نقد العمل).
لقد سعينا في هذه الترجمة أن نقدم للقارئ العربي نصاً آخر من أمهات نصوص الفلسفة الحديثة، ما ينفك يتفعل عند مغلب المتقلبات النظرية للفلسفة من فيشته الأول وشلنغ الأول، مروراً بمدرستي ماربورغ وبادة إلى الفكر الليبيرالي المعاصر. رب فكرة جليلة في العقل المحض لا تجد شرط تفعيلها الأقصى إلّا ضمن نقد وجوه استعمال العقل وضبط مجالات تحقيقه ورسم حدود استخدامه في النظر كما في العمل.
كتاب نقد العقل العملي
الكاتب إمانويل كنت
ترجمة ناجي العونلي